تأثير قرار التعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة على سوق الشحن البحري
المقدمة
في الأيام الأخيرة، كان مجال الشحن الملاحي يميل إلى الاستقرار، وكان يشير إلى عودة السفن إلى الإبحار عبر البحر الأحمر. حتى ظهرت قرارات ترامب، الذي أعلن عن حملة جديدة تحمل اسم "لنجعل أمريكا غنية مجددًا". وتهدف الحملة الجديدة إلى حماية الصناعات الأمريكية وتعزيز الإنتاج المحلي. وكان من أهم القرارات لتحقيق أهداف الحملة الأمريكية تطبيق تعريفات جمركية جديدة على جميع الواردات القادمة إلى الولايات المتحدة، مما أثار قلق جميع المصدرين والمستوردين حول العالم. في هذا المقال، سنشرح لك كل التفاصيل المتعلقة بالتعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة وتأثيرها على مجال الشحن البحري، وكيف يمكنك، كمصدر أو مستورد، التعامل مع هذه الأزمة.
ما هي التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة في الثاني من أبريل 2025؟
في يوم الأربعاء، 2 أبريل، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن قرارات جديدة بشأن التعريفات الجمركية الأمريكية بهدف تقليل العجز التجاري وتعزيز التصنيع المحلي. جاء ذلك من خلال فرض رسوم على السلع القادمة من الخارج، خاصة من الدول التي تفرض بدورها تعريفات على المنتجات الأمريكية.
وجاءت القرارات كالتالي:
- فرض تعريفة جمركية عامة بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة دون استثناء.
- فرض تعريفة إضافية بنسبة 25% على السيارات المستوردة، اعتبارًا من بداية يوم الثالث من أبريل.
- تطبيق نفس النسبة (25%) على قطع غيار السيارات، على أن تدخل حيز التنفيذ بعد شهر من سريان القرار الأول.
- إلغاء معاملة الحد الأدنى للواردات من الصين وهونغ كونغ؛ وذلك اعتبارًا من 2 مايو 2025.
وكانت من أهم الدول المتأثرة بهذا القرار دول مثل:
- الاتحاد الأوروبي: شملته التعريفة العامة بنسبة 10%، بالإضافة إلى 25% على السيارات الألمانية والفرنسية تحديدًا.
- الصين: فرضت الولايات المتحدة عليها رسومًا بنسبة 34% على واردات معينة، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا.
- كندا والمكسيك: تم تطبيق نفس النسب (10% و25%)، خاصة على الفولاذ والألومنيوم وبعض الصناعات الثقيلة.
كيف تعاملت الدول المتأثرة مع قرارات الولايات المتحدة الأمريكية؟
أثارت القرارات الأمريكية استياء العالم بأسره، وليس الدول المتأثرة فقط، ودَفعت العديد من الدول إلى اتخاذ إجراءات مضادة لحماية اقتصاداتها، على سبيل المثال:
الاتحاد الأوروبي:
تحرك الاتحاد الأوروبي بسرعة لرفض خطوة الرئيس الأمريكي، معبِّرًا عن قلقه من التأثيرات السلبية على التجارة الدولية والاقتصاد العالمي. وفي ردٍ مباشر، أعلن الاتحاد عن خطة لفرض رسوم جمركية على سلع أمريكية بقيمة تصل إلى 28 مليار دولار، تشمل منتجات مثل اللحوم والنبيذ وحتى العلكة. وعلى الرغم من وجود إجماع داخل الاتحاد الأوروبي على ضرورة الرد على تجاوزات ترامب، فقد فضَّلت بعض الدول داخل الاتحاد أن يكون الرد محسوبًا لتفادي تصعيد أكبر أو تعنٌّد الرئيس ترامب.
الصين:
كانت الصين من أكثر الدول التي سارعت في الرد على قرارات ترامب، حيث أعلنت بكين عن فرض رسوم بنسبة 34% على جميع السلع الأمريكية التي تعبر حدود الجمهورية الصينية. وفي خطوة وُصفت بـ "العين بالعين"، أُشير إليها من قِبل المحللين كبداية حرب تجارية ستؤثر على العالم بأسره. لكن ترامب كان ينتظر التصعيد، حيث أعلن عن رفع التعريفات الجمركية المطبقة على الصين لتصل إلى 50%.
وهنا يأتي السؤال؛ كيف ستؤثر قرارات ترامب على سلاسل الإمداد العالمية؟
اضطراب في إدارة المخزون:
سعي الشركات لتسريع الشحنات تفاديًا للتعريفات قد يؤدي إلى تخزين كميات زائدة، مما يضغط على السيولة ويزيد من تكاليف التخزين، خاصة إذا انخفض الطلب، وهو ما توقعه الكثير من المحللين حول العالم.
تأخيرات في التوريد:
الإجراءات الجمركية الجديدة أو الاعتماد على موردين بديلين قد تطيل أوقات الشحن، وتخلق حالة من الاضطراب في مواعيد التسليم.
ضرر للأنظمة الحساسة للوقت:
شركات مثل "تويوتا"، التي تعتمد على وصول المواد الخام في اللحظة الأخيرة، ستواجه تعطيل في الإنتاج عند تأخر الشحنات، وهو أمر أصبح واردًا جدًا في الوقت الحالي.
زيادة في التكاليف:
ارتفاع الرسوم يرفع تكلفة المواد المستوردة، مما يؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج؛ وهذا سيدفع المصانع إلى تحمل التكاليف الإضافية، أو تحميلها على المستهلك. ومن أبرز الأمثلة على ذلك الأنباء التي تشير إلى ارتفاع سعر هواتف الآيفون في المستقبل القريب.
اضطرابات لوجستية:
تشديد الإجراءات وعدم دراية المستوردين بها يسبب ازدحامًا في الموانئ وتأخيرًا في حركة البضائع، مما يبطئ أداء سلاسل الإمداد العالمية.
كيف ستؤثر التعريفات الجمركية في نطاق الشحن البحري؟
- ارتفاع تكاليف التشغيل للخطوط الملاحية: يؤدي ارتفاع تكاليف التشغيل إلى زيادة أسعار الشحن.
- ارتفاع الأسعار على المستهلكين: يرتفع سعر الشحن بعد تطبيق الرسوم الجمركية، مما ينعكس على الأسعار التي يتحملها المستهلك، وقد يؤثر ذلك بشكل مباشر على معدل الطلب.
- احتمالية حدوث ركود اقتصادي: تشير التقديرات إلى إمكانية حدوث ركود اقتصادي بنسبة تصل إلى 60%.
- أزمات مالية للمستوردين: يرتفع قيمة خطابات الضمان نتيجة ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية، مما يؤثر سلبًا على مصداقية المستوردين لدى البنوك.
كيف ستؤثر التعريفات الجمركية الأمريكية على مصر؟
بناءً على الإعلان الصادر عن الرئيس الأمريكي، سيشهد قطاع الصادرات المصرية تأثرًا سلبيًا يتمثل في تكبد تكلفة إضافية تُقدر بنحو 273 مليون دولار أمريكي سنويًا. وفي ظل التوترات الاقتصادية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، أصدرت مؤسسة "جي بي مورجان" توقعات تُشير إلى تباطؤ ملحوظ في حركة التجارة العالمية بنسبة 2%، فضلاً عن احتمالية بلوغ ركود اقتصادي عالمي بنسبة 60%. من شأن هذا الوضع أن يؤثر سلبًا على قناة السويس، التي تُعدّ من أبرز مصادر الدخل القومي لمصر. علاوة على ذلك، ستؤدي الرسوم الجمركية إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار السلع المستوردة، مما يُتوقع أن يتسبب في حدوث تضخم كبير بأسعار السلع الغذائية، وعلى رأسها الخبز.
مصر والفرص البديلة؟
على الرغم من كل السلبيات التي ستؤثر على العالم بأسره بعد فرض ترامب للتعريفات الجمركية الجديدة، إلا أن دولة مصر لديها بعض الفرص الذهبية لاستغلال الموقف لصالحها. يتم ذلك من خلال دخولها مجال تصدير بعض المنتجات التي كانت توفرها دول أخرى للسوق الأمريكي، أو زيادة كميات السلع الغذائية المصدرة للولايات المتحدة. علاوة على ذلك، تمتلك مصر فرصًا لتصدير المواد الخام بأسعار تنافسية للسوق الأمريكي.
نصائح للمصدرين والمستوردين: كيف تتأقلم مع الأزمة؟
في بداية الأمر، يجب أن نعترف بصعوبة التعامل مع مثل هذه الأوضاع المربكة. ولكي تتمكن من مواجهة هذه التحديات، عليك بالآتي:
-
الإطلاع على أسعار الشحن: تأكد من متابعة أسعار الشحن أو (نولون الشحن) المتاحة، لتضمن حصولك على أفضل سعر ممكن؛ هذا ما توفره لك شركة "نولون"، فجربها الآن من هنا.
-
استغلال الظروف في تصدير السلع الاستراتيجية:
حاول استغلال الحالة الراهنة لتصدير السلع الاستراتيجية التي تحتاجها الدول الأخرى، ومن أهمها الولايات المتحدة الأمريكية.
قرارات ترامب في التاسع من أبريل: هل هي حرب جديدة؟
تعليق مؤقت للتعريفات الجمركية لمدة 90 يومًا: أعلن الرئيس ترامب إيقافًا مؤقتًا للتعريفات الجمركية، باستثناء الصين التي ستواجه تعريفات جمركية تصل إلى 125%، بسبب رفعها للتعريفات الجمركية على المنتجات الأمريكية إلى 84%. أما باقي الدول فستعود إلى التعريفة الأساسية بنسبة 10% خلال فترة الإيقاف.
أمر تنفيذي بعنوان "استعادة الهيمنة البحرية الأمريكية": يتضمن الأمر التنفيذي استراتيجية لإعادة بناء القدرات الوطنية في بناء السفن وتعزيز القوى العاملة في قطاع النقل البحري. ويشمل ذلك إعداد "خطة العمل البحرية" (MAP) خلال 210 يومًا، وتحتوي على النقاط التالية:
-
تعزيز صناعة بناء السفن:
زيادة الاستثمارات الحكومية والخاصة في أحواض بناء السفن، وسلاسل الإمداد، والبنية التحتية للموانئ، بالإضافة إلى تطوير برامج تأهيل القوى العاملة.
-
مواجهة النفوذ الصيني:
فرض تعريفات محتملة وإجراءات إنفاذ تستهدف ممارسات الصين غير العادلة، خاصة في مجالي اللوجستيات البحرية وبناء السفن.
-
إغلاق الثغرات الجمركية (رسوم الصيانة المينائية – HMF):
تطبيق رسوم صيانة الموانئ الأمريكية على الشحنات التي تصل عبر كندا والمكسيك لتلافي التهرب الجمركي، بحيث تُخضع كل الشحنات ذات المنشأ الأجنبي القادمة عن طريق البحر لتفتيش الجمارك الأمريكية (CBP) في ميناء أمريكي، وتُفرض عليها الرسوم كاملة. كما أن الشحنات التي تدخل أمريكا بريًا من كندا أو المكسيك دون "تحول جوهري" ستُطبق عليها نفس الرسوم مع إضافة رسم خدمة بنسبة 10%.
-
تشجيع التعاون الدولي:
تنسيق السياسات التجارية مع الحلفاء لتقليل الاعتماد على الخصوم وتحفيز الاستثمارات الأجنبية في القطاع البحري الأمريكي.
-
الدعم المالي وتأسيس صندوق للأمن البحري:
تقديم حوافز مالية مرنة لجذب الاستثمارات الخاصة في صناعة السفن، وإنشاء صندوق ائتماني لدعم البنية التحتية البحرية.
-
إنشاء مناطق الازدهار البحري:
تطوير مناطق جغرافية تقدم حوافز ضريبية وتخفيفًا تنظيميًا لتعزيز نمو الصناعة البحرية المحلية والأجنبية المتحالفة.
-
تطوير القوى العاملة البحرية:
تحديث برامج التدريب وشهادات الضباط البحريين، وتطوير الأكاديميات البحرية (خصوصًا الأكاديمية البحرية الأمريكية) مع تقديم منح دراسية للتقنيات الحديثة.
-
تحسين كفاءة المشتريات الحكومية:
إصلاح إجراءات شراء السفن الحكومية لتقليل البيروقراطية وتقصير الجداول الزمنية، بالاعتماد على مكونات قياسية وممارسات تجارية فعالة.
-
زيادة عدد السفن التجارية تحت العلم الأمريكي:
تقديم حوافز لتوسيع الأسطول الأمريكي من أجل تعزيز الأمن القومي والتجارة الدولية.
-
استراتيجية الأمن في منطقة القطب الشمالي:
تطوير خطة لحماية المصالح الأمريكية وتأمين الممرات القطبية في ظل التنافس الجيوسياسي المتصاعد.
موقف الصين من القرارات الأمريكية الأخيرة:
في يوم 11 أبريل، قررت الصين رفع الرسوم الجمركية إلى 125% على جميع السلع الأمريكية، وذلك بعد أن صرح ترامب برفع الرسوم الجمركية على الصين من 104% إلى 125%.
تحديث يوم 12 أبريل 2025
تم إصدار قرار من إدارة الجمارك يوم الجمعة يفيد بإعفاء الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وجميع الأجهزة الإلكترونية من التعريفات الجمركية الأمريكية. علاوة على ذلك، تشمل قائمة الإعفاءات أشباه الموصلات والخلايا الشمسية وشاشات التلفاز وأجهزة الفلاش ميموري وبطاقات الذاكرة.
كما أعلنت إدارة الجمارك الأمريكية أنه لكي يستفيد المنتج من هذا الإعفاء، يجب أن يتم تصنيفه تحت أحد رموز التعريف المنسقة (HTSUS) التي تحددها إدارة الجمارك الأمريكية. كما ينطبق الإعفاء على البضائع التي تُستورد مباشرةً للاستخدام أو للبيع في الولايات المتحدة، أو التي تُخرج من المخازن المؤقتة للاستخدام المحلي، وذلك اعتبارًا من 5 أبريل 2025. أما بالنسبة للشركات التي دفعت التعريفات الجمركية مسبقًا، فيمكنها استرداد المبلغ المدفوع من خلال تقديم طلب تصحيح (PSC) لتعديل المعلومات، وذلك بشرط أن يكون ذلك ضمن فترة الاعتراض، والتي عادةً ما تكون 180 يومًا.
لمعرفة آخر التحديثات
ننصح بأن تبقى دائمًا على إطلاع بكل الأخبار والمقالات الخاصة بالتعريفات الجمركية الأمريكية التي ستقدمها لك نولون دوت كوم، إذ سيساعدك ذلك في اتخاذ قراراتك بشكل أفضل، خاصةً أن الوضع الحالي غير مستقر وفي تحديث مستمر.
هل أنت جاهز لزيادة مدخراتك من أسعار الشحن؟